Tuesday, September 6, 2011

عيد برتقالى المزاج


رأيتها قمحية اللون جميلة يتدلى على كتفيها شعرها الطويل بعد أن احتوى خصلة منه رباط أحمر اللون ..

هرولت على الدرج القصير فى مقدمة البناية يميناً ويساراً حتى اكتفت لتهبط ثلاث سلّمات فتحتضن جدّها الذى اكتفى بتسليمها ذراع واحدة ليستخدم الأخرى فى الرد على تليفونه المحمول ..لفت نظرى قميصه المائل للبرتقالى ..هذا اللون أجده بصعوبة فى الملابس النسائية فكيف وجده فى شكل قميص رجالى ..  
دلف إلى داخل البناية واختفى لدقائق ..بينما استمرت هى باللعب والتقافز وكأنّها تجرب حذائها الجديد ..
عاد جدّها متمايلاً أثر حمله حقيبتين  وبجواره رجل ضخم يحمل الثالثة الصغيرة  وفى نفس اللحظة وجدت سيارة ترجع للخلف يقودها فى الغالب سايس الجراج ثم نزل منها ليساعد صاحب القميص البرتقالى فى وضح الحقائب فى حقيبة السيارة ..ليتبين لى أنه البواب

بعد ثوانى نزلت زوجة الرجل الضخم وبناتها لتركب السيارة ..مرّت من أمامى وانا جالسة فى سيارتى بانتظار زوجى الذى ذهب لزيارة مريض ومعايدته بنفس البناية سريعاً ولم يأخذ معه غير ابنى الأكبر وظللت أنا وبناتى بانتظارهما

ألقت علىّ نظرة خاطفة كما تفعل معظم السيدات حين ترين سيدة أخرى تنظر إليهن ..لم أقصد بالطبع الحملقة بها .. ولكن كيف أمنع نفسى من مراقبتها وهى تشد على يد إحدى بناتها بقوة وصوتها يعلو بالسباب واللعن وكأنها تعنّفها على كارثة أتت بها الصغيرة عابسة الوجه  ..كما أن لون بلوزتها البرتقالى لفت نظرى أيضاً..
الجميع يرتدى البرتقالى اليوم

انطلقت سيارتهم بالحقائب واللون البرتقالى والصغيرة ذات الوجه المتجهم

ربما فى طريقهم لمطروح .. لولا الظروف الطارئة لكنت الآن أقوم بتجهيز حقائبى والسفر لتلك المدينة سماوية اللون ...
كل ما فيها بهذا اللون الرائع ..السماء والمياه ..وماذا فى مطروح غير سماء ومياه وضحكات بنات صغيرات ترتدى البيكينى وشعرها الذهبى الكيرلى يلمع تحت الشمس ..
تعجبت لسفرهم بالليل وتمنيت لهم السلامة بهذا الطريق الطويل والصعب وكأنّى تأكدت بالفعل أنهم بطريقهم لمطروح 

 انتبهت لصوت ذات رباط الشعر الأحمر وهى تقهقه بين يدى جدّها ..تضحك ورائهم أمها ..حيث أتت من الداخل تحمل طبقا من الترمس وضعته فى حجر الرجل  بعد أن جلس على السلالم فجلستا بجواره ..
أعتقد الآن أنه أباها وليس جدّها كما خيل لى ..

هكذا يقضى البواب وأسرته العيد ..على السلالم بصحبة طبق من الترمس وبجوار ال " انتر كوم" لتلبية طلبات السكان التى لا تنتهى كما لا تنتهى آلام ظهره التى تجلّت واضحة فى طريقة جلوسه

نظرات خاطفة كنت ألقيها عليهم فالمراقبة فعل سخيف لا أحب ممارسته .. ولكن شيئا ما بهذه الفتاة الصغيرة يبهرنى .. ربما صوت ضحكتها "المسخسخة" الرائع

بناتى فى الخلف هادئات على غير العادة ..التفت لهما فأجد الصغيرة تتظاهر بإرضاع دميتها واضعة أصبعها على شفاها لى ولأختها "ششششش" فالدمية تحاول النوم ..
تكتم الكبيرة ضحكاتها وتعاود لملمة خرزات هربت من عقدها بعد أن صنعته ولم تتقن عقد خيوطه النايلون

رسالة على تليفونى المحمول تذكّرنى بأنى لم أرد على معظم رسائل المعايدة فى ثانى أيام العيد ...أبحث عن كلمات لطيفة تصلح لإرسالها الى عدد كبير .. فأسمع صوت أبنتى تصيح غير عابئة بدميتها النائمة "بابا هناك اهو "
يدلف للسيارة ويصل لى تحية وتهنئة الرجل الذى كان فى زيارته والذى يعيش وحيداً دون زوجة أو أولاد .. ويقفز ابنى بجوار أخته بعد اتفاق معها أنه دوره ليجلس بجانب النافذه 
ثم يسألنا ..هاه تروحوا فين ؟؟
وفيق ..رز بلبن بالآيس كريم .. بحرى ...يعلو صوت الأولاد
ترمس ..أصيح أنا ..
.وأنظر نظرة أخيرة على الجميلة الضاحكة لتتلاقى عينانا ...ربما لفت نظرها لون إيشاربى المائل للبرتقالى كقميص جدّها ..
أقصد أباها العجوز


8 comments:

صباح الخير يا مصر said...

دلف إلى داخل البناية واختفى لدقائق ..بينما استمرت هى باللعب والتقافز وكأنّها تجرب حذائها الجديد ..
...
:)ما ركنتوش فى حته تانيه

عدى النهار said...

جميلة جداً :)

... said...

السعادة في القلب
السعادة قرار
...
من راقب الناس بقلب جميل أسعد الناس زي ما عملتي كدة
:)))

يا مراكبي said...

أهم حاجة هي التأكيد على تعقيدات حياتنا للدرجة اللي خلت السعادة عند ناس بتيجي بطريقة صعبة، بينما هُناك من هم حياتهم بسيطة وسعادتهم بتيجي من حاجات أبسط

ولو حتة شوية .. تِرمِس

:-)

Anonymous said...

أشكرك على الرحلة الحلوة اللي أخدتينا فيها بعيد دي. خلتيني أحسد العيلة اللي سافرت لو كانت وجهتها مطروح فعلا... معرفش وفيق، بس أيس كريم وفي بحري كمان فكرني أد إيه وحشتني إسكندرية

Carol said...

التأمل في البشر يجعلنا نفهم أنفسنا
و نجد اجزاء منا فيهم و أجزاء فينا بهم
تدوينة بسيطة .. جعلتيني اعيش المشهد معك ... انظر من وراء زجاج سيارتك
تحياتي لك

بنت القمر said...

جميلة اوي

Anonymous said...

كل سنة وانت طيبة